زراعة الخلايا الجذعية والبنكرياس أمل جديد لمرضى السكري

زراعة الخلايا الجذعية والبنكرياس أمل جديد لمرضى السكري




الاقتصادية

حوار: عبد الله زايد

أوضح الدكتور بسام صالح محمد بن عباس، استشاري ورئيس قسم أمراض الغدد الصماء والسكري ــ مستشفى الملك فيصل التخصصي, أن التقديرات العالمية تشير إلى أن العدد الكلي للمرضى المصابين بداء السكري النوع الثاني غير المعتمد على الأنسولين اقترب من 200 مليون عام 2004, ومن المحتمل أن يصل هذا الرقم إلى 350 مليونا بنهاية عام 2025, وفي المملكة, اعتمادا على دراسة مضى على نشرها أكثر من خمسة أعوام في جامعة الملك سعود, تبين أن 24 في المائة من السعوديين مصابون بمرض السكري، وأن هناك أكثر من 16 في المائة منهم لديه قابلية للإصابة بالمرض, أي نحو 40 في المائة من السعوديين مصابون أو لديهم قابلية للإصابة.

مبينا في حوار مع "الاقتصادية" أن هناك بوادر في الأفق القريب لحلول جذرية لمرض السكري بواسطة زراعة الخلايا الجذعية أو زراعة الخلايا البنكرياسية وغيرها. مؤكدا الحاجة إلى مراكز علاج أكبر وكوادر طبية أكثر تستطيع مواجهة هذا التزايد المستمر في الإصابة بمرض السكري. فإلى تفاصيل الحوار:



ما أكثر أمراض الغدد الصماء شيوعا لدينا؟ ولماذا؟

تشمل أمراض الغدد الصماء العديد من الأمراض منها ما هو متعلق بزيادة الإفراز, أي زيادة إفراز الهرمونات الصادرة من هذه الغدد ومنها ما هو مرتبط بقلة الإفراز ونقصه، ولكل اضطراب أو خلل أعراضه وصفاته. وتشمل الغدد الصماء الغدة الدرقية والكظرية والنخامية، كما أن المبيض والخصية يعتبران من الغدد أيضا. وتعتبر غدة البنكرياس أكثر الغدد شهرة كونها المسؤولة عن إفراز هرمون الأنسولين, الذي يعتبر خلل إفرازه سببا لأكثر الأمراض شيوعا في منطقتنا العربية وكذلك عالميا. ويعتبر مرض السكري من أكثر الأمراض شيوعا في خليجنا العربي وفي منطقتنا العربية كون انتشاره مرتبطا بأمور يصعب على الكثير منا تجنبها وتفاديها وهي نمط الحياة اللاحركي وأسلوب الغذاء غير المتزن والعادات والسلوكيات غير الصحية.


ما الأعراض الأولية التي قد يشعر بها المصاب وتكون دلالة على مرض ما في الغدد الصماء؟

تعتمد الأعراض التي يعانيها المريض على الغدة المصابة وعلى نوعية الإصابة. وحيث إن الغدد الصماء متعددة فأعراضها تختلف باختلاف الاضطراب في الإفراز، فقد يكون تارة الإفراز الهرموني أكثر من المعدل الطبيعي وتارة أخرى أقل من الحد المفترض, لذا فإن الأعراض متفاوتة ومختلفة. وعلى سبيل المثال فقد يدل نقص النمو الطولي للطفل على قصور إفراز الغدة النخامية لهرمون النمو وقد تدل زيادة الوزن المفرطة على زيادة هرمون الغدة الكظرية خاصة إذا صاحب ذلك احمرار الجلد وهشاشة العظم.


كما لا يخفى عليكم فإن حجم الإصابة بالسكري في تزايد مستمر، فهل هناك أبحاث أو اكتشافات جديدة توصل إليها لعلاج المرضى؟

لا شك أن هناك تطورا مستمرا في علاج مرض السكري سواء على مستوى توافر العديد من علاجات مرض السكري النوع الثاني المعتمد على الأقراص أو النوع الأول المعتمد على الأنسولين, ففي خلال العقد الماضي توافرت العديد من الأدوية التي أثبتت قدرتها على خفض معدل السكر التراكمي الذي أصبح له القدرة على زيادة إفراز الأنسولين أو زيادة حساسيته أو حتى خفض مستوى هرمون الكلوكاجون المقاوم للأنسولين. كما توافرت العديد من أنواع الأنسولين الجديدة سواء قصيرة المفعول أو طويلة المفعول وتم تحضيرها في أقلام سهلة الحمل والتخزين والاستعمال.

كما أن في الأفق القريب بوادر حلول جذرية لمرض السكري كزراعة الخلايا الجذعية أو مزيد من تطور زراعة الخلايا البنكرياسية ونحوها.


بعد حملات متواصلة ومكثفة للتوعية بالسكري وكيفية تجنبه .. هل تلاحظون انخفاضا في نسبة الإصابة به في المملكة؟

إن أطباء مرض السكري يأملون دوما ولا يملون يوما. وكما ذكرت سابقا كون مرض السكري مرضا مزمنا فتحتاج مقاومته إلى العزيمة والصبر من أطبائه ومن مرضاه. إن زيادة انتشاره لن تزيدنا إلا عزيمة وقوة على مقاومته, ولن يرى مرضانا في أعيننا اليأس فنحن من نزرع الأمل في قلوبهم ومن يزرع الأمل لا يصيبه الملل.

قد تكون المعاناة في التعامل مع الأطفال المصابين بالسكري أكثر صعوبة، هل لديكم توجيهات محددة للأسر التي يوجد فيها طفل سكري؟

يجب أن ينظر إلى إصابة طفل بمرض السكري على كونه نعمة ينعم بها الله ــ سبحانه وتعالى ــ على هذه العائلة التي يحظى طفلها بهذا المرض وليست معضلة تستوجب التذمر والتأفف. فكثير منا ومن عائلاتنا يعاني عدم انتظام في مواعيد الطعام أو يجهل محتواه, وكثير منا يعاني عزوفا عن الجهد الحركي أو يجهل فوائده, لكن بإصابة طفل في هذه العائلة أو تلك بهذا المرض فسيجبر هذا الأمر العائلة على أن تكون منتظمة في طعامها وشرابها وجميع أمور حياتها, وهذا أمر يفتقده الغالبية منا.


هل ترى أن مستوى التدريب في مجال الغدد الصماء والسكري يسير بالمستوى المطلوب أم أنه يحتاج إلى تطوير وإدخال آليات جديدة؟

لا شك ونحن نجابه هذا التزايد المستمر لنسبة الإصابة بمرض السكري، لا شك أننا في حاجة إلى مراكز علاج أكبر وكوادر طبية أكثر نستطيع بها مواجهة هذا الوباء القادم. كما أننا في حاجة إلى قاعدة إعلامية توعوية تثقيفية أوسع نعتمد عليها لتوعية المجتمع أجمع.


ما برنامج مضخة الأنسولين والعلاج المكثف بالأنسولين؟

لقد أوضحت الدراسات الطبية المتعاقبة مدى أهمية المحافظة على مستوى سكر الدم في معدلات شبه طبيعية, ودلت هذه الدراسات على مدى متانة الارتباط الوثيق بين مستوى سكر الدم وحدوث مضاعفات مرض السكري المزمنة. وبناء على نتائج هذه التجارب الطبية توصل المهتمون بعلاج مرض السكري النوع الأول المعتمد على الأنسولين إلى برنامج علاجي يحقق هذه الأهداف, وبالتالي يحد من حدوث هذه المضاعفات, وهو ما يعرف ببرنامج العلاج المكثف بالأنسولين. ومن طرق العلاج المكثف بالأنسولين الحقن المتكرر للأنسولين أو استخدام مضخة الأنسولين. إن الحقن المتكرر للأنسولين هو إحدى وسائل العلاج المكثف بالأنسولين ويتمثل في إعطاء المريض أربع حقن أنسولين في اليوم, بحيث يعطى المريض حقنة الأنسولين طويل المفعول التي تستمر 24 ساعة قبل النوم أو في الصباح الباكر وتقرن مع الأنسولين قصير المفعول قبل الوجبات. أما عن استخدام مضخة الأنسولين فهو إحدى وسائل العلاج المكثف بالأنسولين أيضا وتعتمد على ضخ الأنسولين بصفة مستمرة وعلى مدار الساعة. ويقوم المريض إلى جانب ذلك بضخ كميات إضافية قبل الوجبات الرئيسة والخفيفة وأيضا في حين ارتفاع مستوى السكر في الدم. ولتحقيق الفائدة المرجوة من العلاج المكثف بالأنسولين يتطلب من مريض السكري تحليل السكر بصفة متكررة قبل وبعد الوجبات الأساسية وأثناء النوم كما يلزم المريض معرفة كيفية حساب الجرامات من الكربوهيدرات وذلك بزيارة إخصائي التغذية.


من خلال عملكم الطويل في مجال علاج السكري، ما نظرتكم للمستقبل من حيث تزايد عدد المصابين أو ما الجديد في برامج التوعوية والاكتشافات؟

كما لا يخفى على الجميع أن التقديرات العالمية تشير إلى أنّ العددَ الكليَّ للمرضى المصابين بداء السكّرِي النوع الثاني غير المعتمد على الأنسولين اقترب من 200 مليون عام 2004، ومن المحتمل أن يصل هذا الرقم إلى أكثر من 350 مليونا بنهاية عام 2025, وهذا يعني أن الزيادة تعدت 70 في المائة, وهناك أكثر مِنْ 100 مليون مريض يقطنون الدول الناميةِ. بينما الزيادة المتوقعة لهذا المرض في الدول الناميةِ تزيد على 146 في المائة، أي أن الدول النامية سَتُسهمُ بـ 77 في المائة من العدد الكليّ لمرضى السكر في العالمِ بحلول عام 2030. وفي المملكة العربية السعودية واعتمادا على دراسة مضى على نشرها أكثر من خمس سنوات في جامعة الملك سعود تبين أن نحو 24 في المائة من السعوديين مصابون بمرض السكري, وأن هناك أكثر من 16 في المائة منهم لديه القابلية للإصابة به، أي أن نحو 40 في المائة من السعوديين إما مصاب أو لديه القابلية للإصابة بمرض السكري. وعلى الرغم من الكثير من برامج التوعية الصحية إلا أن العدد في ازدياد, وذلك أن مرض السكري تحتاج مقاومته إلى عزيمة وإرادة قلما تتوافر لدى الكثير وإن توافرت فإن الدوام عليها قد يكون أمرا عسيرا.

وأود أخيرا القول إنه لا يمكن لنا مواجهة مرض السكري أفرادا وفرادى, مرض السكري مرض مجتمع بأكمله فلا بد للمجتمع أن يواجهه بأكمله.

منقوووول